المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف مقال

اتفاقيات الاستخدام: نوافق عليها ولا نقرأها

صورة
كانت شركة للاتصالات تقدم لمشتركيها عرضا مجانيا، فلما دخلت لأنال نصيبي وجدت المقاعد المخصصة لذلك اليوم قد حُجزت. فبدا لي أن أقرأ اتفاقية المسابقة التي يتوجب الموافقة عليها كشرط للمشاركة. حسبتها أول الأمر صفحة واحدة، فإذا بها عقد متكامل، محرَّر بالفرنسية، لا يستثني ظرفا أو احتمالا إلا ذكره، وكأنما يتعلّق الأمر ببيع وشراء عقار مليوني؛ ومن ذلك حق الشركة في تغيير بنود الاتفاق متى شاءت من دون إعلام الطرف الآخر، ما يعني أنك جزءً من موافقتك يقع على أشياء غير مكتوبة ولا دراية لك بها؛ ومن ذلك أيضا -لاحظ- أن موافقة المشارك تمنحهم الحق في استخدام اسمه وصورته لأغراض ترويجية لمدة خمس سنوات من تاريخ المسابقة. ما يُستفاد: -إذا كانت هذه التبعات تلزَم المشترك في مسابقة لا تتعدى قيمتها دريهمات، فكيف بما هو أكبر منها؟ -إذا قرأنا اتفاقيات استخدام البرامج والمواقع، فالأغلب أن بعض موادها لن تعجبنا قد يصرفنا ذلك عن كثير من التطبيقات، بما فيها فيسبوك بالطبع. -الشركات تحرّر عقودا لصالحها بالاستعانة بمختصين، والمستخدِم هو الطرف الأضعف.

تهيئة البيت الجديد

عوتب سهل بن عبد الله المروزي في كثرة الصدقة فقال "لو أن رجلاً أراد أن ينتقل من دار إلى دار أكان يُبقي في الأولى شيئاً؟"، لم يلفت نظري من المقولة أمر الصدقة والإحسان وصلاح الأوائل، بل هذا اليقين الذي امتلكه سهل . كثيرون منا يعربون عن إيمانهم العميق بأمر ما، لكنهم يعيشون في انفصال تام عنه في حياتهم اليومية، وكأنهم في تناقض مع ما يؤمنون به، أما سهل فعاش أمر القيامة والخلود كحقيقة يراها رؤيا العين ويستعد لها، وتصرف كأنه في حال "العزال"، ينتقل من بيت إلى بيت، ومن ثم فإن ظاهر الحال أنه يُخرج ما لديه من مال كصدقات، لكن الواقع بالنسبة إليه أنه بيقين يعد بيته الجديد الذي سينتقل إليه . مثل يقين أحدنا عندما يشتري أرضاً جديدة، فيجلب المختصين ليرسموا له شكل داره المأمولة، ويدخل في حوار طويل بشأن تفاصيلها مع هؤلاء الرسامين والمهندسين، يجادلهم في كل صغيرة وكبيرة، ولم لا وهذه داره الجديدة التي سيقضي فيها عمره، وهذا ما كان يفعله سهل بذات اليقين وهو يصرف أمواله في الصدقات ليزين بها بيته الأخ ي ر. ~ أسعد طه   .

فرق بين مثقفين

صورة
كتب إدوارد سعيد عن أشعيا برلين أنه كان ليبرايا تنويريا... إلا حين يتعلق الأمر بإسرائيل فإنه يكون متصلبا في الدفاع عنها. تذكرت هذا بعد تصفحي لمقال ينعى على الطاهر بن جلون مواقفه السلبية من العرب والمسلمين، ويعلل صاحب النص ذلك بكون مكانته المرموقة لا تسمح له بمناصرة قضايا العرب والمسلمين. وهذا خطأ، لأنه وصل إلى مكانته بتقديمه لشهادة براءة من الانتساب لنا. وكذا من يحتفون بنيل "مغربية" لجائزة أدبية فرنسية مخطئون، لأن ما تكتبه أدب فرنسي صرف، وانتماء الأدب تحدده اللغة لا الجغرافيا أو السُّلالة (وحتى الجغرافيا تؤكد انتماءَها الفرنسي!) القصد أن "مثقفينا" يصلون إلى النجاح والاعتراف بالاندماج في ثقافة القوم. بينما المثقفون اليهود، على اندماجهم في مجتمعاتهم وتأثيرهم في فكرها، لا ينفكون عن مناصرة قضية أمتهم مهما تباعدت البلدان. وهنا الفرق بين الشهرة حين تخدم القضية، وبين الشهرة التي هي ثمن للتبرؤ من القضية.

قراءات (5) البوذية والسيف

صورة
قرأت هذا المقـال المنشور في مجلة البيان؛ كتبه فيصل الكاملي. وجدته غنيا بالمعلومات المستقاة من دارسين لموضوع البوذية والعنف، وكيف يفسر ذلك تقتيلهم للمسلمين في بورما وغيرها.  

صناعة الإخبار بين العربية والجزيرة

صورة
الجزيرة ليست أفضل من العربية ، كل ما في الأمر أن الأولى تحابينا والثانية تتحامل علينا؛ فكلتاهما منحازتان، قد رُصِدت لهما ميزانيتان ضخمتان، وتسيران وفق إرادة منشئيهما، لا تحيدان عنها قيد أنملة، إلا ما يقتضيه تجديد المظهر وتنويع الأسلوب، أما الجوهر، وهو كونهما مشروعين للتغيير السياسي، فيظل على حاله. ومن المهم أن نعي بهذا حتى لا نتوهم أن وسيلة إعلامية تابعة لقرار سياسي مرتهَن للتوجيه الأمريكي يمكن أن تسعى لتحريرنا أو تنويرنا. ولا ينفي هذا إمكان الاستفادة من البرامج المعروضة، مع استحضار أن صناعة الإخبار لا تقدم سوى فتات الحقيقة، ولا تخلو من تعتيم وتضليل.

X-Men وقبول الآخر

صورة
تحكي أفلام X-Men عن أناس متحولين جينيا لهم ملكات خارقة، يعانون من اضطهاد المجتمع لهم وعدم قبوله بهم؛ فيخوضون نضالا مدنيا للاعتراف بهم وانتزاع حقوقهم في المساواة الكاملة مع باقي المواطنين من البشر العاديين. نضالهم الحقوقي هذا يكسبهم تعاطفا، لكن لا زالت هناك معاداة لوجودهم ودعوة لإقصائهم. المشاهِد بالطبع يقف في صفهم، نظرا لكونهم مظلومين ولأنهم يقاومون الأشرار. هذا المبدأ الذي تقوم عليهم سلسلة Marvel، أي القبول بالآخر المختلف والتعايش معه واحتضانه... هو نفس المبدأ الذي، في الحيا ة الحقيقة، يدمج أطياف الشواذ ضمن الطبيعة العادية للبشر ويكفل لهم الانتماء الكامل للمجتمع، دون استنكار ولا تمييز ولا حرمان من الحقوق. والمجتمع الأمريكي ذاته، وفيه قطاعات متدينة أكثر من المجتمعات الأوروبية، منقسم في موقفه من أطياف الشواذ المتكاثرة، بين محافظين وليبراليين. مؤخرا احتجت فئة من أولياء أمور التلاميذ في أميركا على السماح للتلاميذ المتحولين جنسيا (أي أولئك الذين هم خارج التصنيف الفطري ذكر-أنثى) أن يستعملوا المراحيض مع أبنائهم. هذا المثال يبين كيف أن منتجات التسلية (سينما، ألعاب ال

التصالح مع النفس

صورة
للاستماع: هنـا . يُقدَّر للبعض أن يعيش في حالة قلق مستمرة، توتر، واضطراب ملازم، مع شعور بالتفاهة -وأحياناً- العار، تترافق هذه الأمور مع احتقار للذات، أو جلد مستمر لها. تتولد هذه الاعتقادات في النفس بسبب خطأ، أو خطيئة قديمة أو حديثة، وبسبب فشل متكرر حال دون المأمول، وبسبب رغبة وآمال طموحة مع قدرات محدودة، أو مع إرادة كسولة، وعجز غير مبرر، وبتأثير من العيش في الماضي، مع أحداثه المأساوية، وتجاربه القاسية. بمثل هذه المسببات وغيرها تتكوّن تلك الانعكاسات النفسية البائسة. يقال عادة لهذا الانسان: تصالح مع نفسك. ماذا يعني التصالح مع الذات؟ يعني الانسجام، والسلام الداخلي. التفهم، والقناعة، والتجاوز. يعني ترسيخ معاهدة تسامح وسلام أبدي مع النفس، بعد معارك طويلة وخاسرة، لأنها مع العدو الخطأ. مضامين التصالح تعتمد على إعادة تقويم شاملة للذات وبعيوبها وإخفاقاتها، والقبول المبدئي بها، لأنه ما من خيار سوى ذلك. فالإنكار والاحتقار والتعالي على الواقع الحقيقي لا يغيّر النتائج، وإنما يقوّض الطمأنينة، ويكرس التناقض مع النفس، ويسمح بتوالد العُقد والأزمات والكراهية المَرَضية، والتي تقعدك عن مواص