المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف ابن قيم الجوزية

منفعة الحق ومنفعة الخلق وما بينهما من التباين

صورة
للاستمـاع: هنــا . كتب ابن قيم الجوزية في طريق الهجرتين وباب السعادتين : إن أَحداً من المخلوقين لا يقصد منفعتك بالمقصد الأَول، بل إِنما يقصد منفعته بك، وقد يكون عليك فى ذلك ضرر إِذا لم يراع المحب العدل، فإِذا دعوته فقد دعوت من ضرُّه أَقرب من نفعه. وأَما الرب تبارك وتعالى فهو يريدك لك ولمنفعتك لا لينتفع بك، وذلك منفعة لك محضة لا ضرر فيها، فتدبر هذا حق التدبر وراعه حق المراعاة، فملاحظته تمنعك أَن ترجو المخلوق أَو تطلب منه منفعته لك فإِنه لا يريد ذلك البتة بالقصد الأَول، بل إِنما يريد انتفاعه بك عاجلاً أَو آجلاً، فهو يريد نفسه لا يريدك، ويريد نفع نفسه بك لا نفعك بنفسه، فتأَمل ذلك فإن فيه منفعة عظيمة وراحة ويأْساً من المخلوقين، سداً لباب عبوديتهم وفتحاً لباب عبودية الله وحده، فما أَعظم حظ من عرف هذه المسأَلة ورعاها حق رعايتها. ولا يحملنك هذا على جفوة الناس وترك الإِحسان إِليهم واحتمال أَذاهم، بل أَحسن إِليهم لله لا لرجائهم، فكما لا تخافهم فلا ترجوهم، ومما يبين ذلك أَن غالب الخلق يطلبون إِدراك حاجتهم بك وإِن كان ذلك ضرراً عليك، فإِن صاحب الحاجة أعمى لا يرى إلا قضاءَه