أضعف ما في الإنسان عقله
أضعف ما في الإنسان عقله. ألا ترى أنه يعلم أضرار النيكوتين ويدخّن بشراهة، وقد يكون طبيبا يشخّص الأمراض ويصف العلاج؛ ومن استبَقُوا شحنة يوغرت أهدتها الشركة للأطفال، يدركون أنهم يستولون على ما ليس من حقهم، ويحرمون منه من هو أحوج إليه منهم، وهم القادرون أن يشتروه لأبنائهم؛ ومن نهبوا شاحنة مشروبات غازية انقلبت على الطريق في نهار رمضان، لم يفُتهم أنهم صائمون –يا حسرة-! وسيتجرعون فانطا المنهوبة مع طاجين بعد التراويح؛ ومن تعاقبوا على مناصب تدبير المدينة لعقد من الزمن لم يرقّعوا فيه طريقا غير معبّد، تاركين الساكنة وتلاميذ المدارس يعانون من وحله وبِرَكه شتاءً وغباره صيفاً، كانوا على دراية بالحاجة له وكذا على قدرتهم استبقاء رصيد من الميزانية لإصلاحه، لكنهم لم يفعلوا حتى ألجأتهم زيارة مرتقبة لشخصية سامية أن يشمّروا عن آلات الحفر والتزفيت... كل هؤلاء لم تنفعهم عقولهم في اجتناب المآثم، وإنما توسلوا بعقولهم للاغتنام بالاحتيال؛ أما المدخن وأمثاله من ذوي الإدمان فقدّم انتشاء لحظات على عِلل ترافقه العمر كله. فكيف يتأتى لأحد أن يجعل العقل هاديا ومرشدا، والنفس تتلاعب به وتسخّره لأغراضها، كما