المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, ٢٠١٨

تملّق

انكب المتبارون على أوراقهم ملخصين سيرة ذاتية لعاهل البلاد وضعها كاتب فرنسي. تفانى صاحبنا في إضفاء نبرة الموضوعية على مديحه، متفاديا فجاجة المتملّقين المنافسين. شرّف القاعةَ العاهلُ المبجل بزيارة مفاجئة. مرّ على الصفوف ناظرا في الملخصات؛ استوقفته كتابة صاحبنا فربت على كتفه وانصرف. ترك المتبارون مقاعدهم واقتربوا من صاحبنا حاملين علب حلوى.

اندماج

حلق اللحية؛ قص بعض شعره، وصبغ خصلاته الباقية؛ ارتدى سروالا ممزقا من الركبتين، وقميصا عليه شخبطة أعجمية؛ شرّع نوافذ السيارة، ورفع صوت الموسيقى. تعمد المرور على مرآى من "إخوانه" السابقين.

علاج

صورة
أدخلته الطبيبة إلى غرفة الكشف. طلبت منه أن يبتسم، أن يتذكر شيئا طريفا. كانت عضلات وجهه تتقلص دون أن ترسم ابتسامة. يئست منه. قصد حكّاءً يتوسط حلْقة يروي غرائبه على متجمهرين بخلاء. بفلوس العلاج دعاه إلى وجبة فاخرة، وقضى الأمسية في ضحك متواصل.

لسنا مجرد مستهلكين

صورة
الدكاكين القديمة في الأحياء المغربية بدأت تنقرض مع ظهور المتاجر الكبرى. لسنا مجرد مستهلكين؛ فعل الشراء يخضع، كسائر أفعال الإنسان، للتقويم الأخلاقي، فقد يكون حسنا أو سيئا. فمعلوم أن ابتياع كميات تفيض عن حاجة البيت من سلعة سريعة التلف ستنتهي في النفايات. ومعلوم أن الإنفاق من طعامنا المفضل يفضُل الإنفاقَ العادي . كذلك أقترح أن نقصد نوعا من التضامن أثناء التسوق، وذلك بتفضيل التعامل مع البقالات الصغيرة، المتواجدة غالبا في الأحياء السكنية، لأن كل محل منها يعيل أسرة. وفي الظروف الراهنة، حيث تفتح محلات ضخمة في أرجاء المدينة، التجار الصغار مهددون بالكساد على أقل تقدير . الأسواق الكبرى ضُخَّت فيها رؤوس أموال هائلة، وتعاملاتها اليومية بالملايين، كما أنها تجلب البضائع بالأطنان فهوامش ربحها واسعة، لذا فلا خوف عليها من الإفلاس، بينما الدكاكين التي في الجوار تعتمد على حركية الجيران للرواج والانتعاش . صمود التجارات الصغيرة يعتمد على أين نضع نقودنا، وتصرفنا المالي محكوم بدوره بالاعتبارات الأخلاقية .

الورقة والقلم

صورة
 قال أحدهم موبخا صاحبه: " انقضى عهد الورقة والقلم !" وبغض النظر عما إذا كان مر بمرحلة الكتابة أو قفز مباشرة إلى المهاتفة، فإن ثقته المتطرفة تلك لن تلبث أن تتهافت حين تفنى بطارية جهازه ولا يجد شاحنا، أو ينقطع الكهرباء عن منطقته، فيتعذر عليه استعادة معلومات ضرورية أودعها ذاكرة السمارتفون ! ودون تخيل كارثة من هذا النوع، لا يبعد أن يذهب لمصرف فيوقع سحبا أو إيداعا بالقلم على ورقة، أو يعقد قرانه فيوقع بالقلم على ورقة ... إضافة إلى ذلك، أثبت الورق فعاليته على طول مئات السنين، بينما ما زالت التقنية التي يباهي بها في طور الاختبار . وختاما، يحكي أن المافيا الإيطالية لم تعد تعتمد في اتصالاتها السرية على المكالمات، وإنما عبر الكتابة بالخط على ورق يسلمه الرُّسُل يدا بيد، بعيدا عن التنصت .