جمالية المشافهة (مقال وصوت)

يغلب علينا التأثر بالمشافهة، لا فرق في ذلك بين المتعلم والأمي، وبين المتعلم القارئ وغيره؛ وهذا ليس كلاما في سياق الذم.
نتأثر بالخطاب الشفهي لما فيه من العاطفة المبثوثة في صوت المتكلم، في وقفاته، في تردده، في انتقاءه الآني للكلمات... لأن المشافهة تواصل حيّ، الأصل فيه أنه عفوي، تلقائي، مُرتجَل.
والمكتوب له قيمته ووظيفته وتأثيره؛ ذلك لا يُنكَر. والتعبير الأدبي يصور مكنونات النفس بمصداقية، أو يطمح لذلك على الأقل. والمكتوب يتيح نظمَ الأفكار على مهلٍ، وبناءَ الترتيب المنطقي، وعرض الموضوع حسب الغرض والفئة المستهدَفة. ولا يُستغنى عن المكتوب، وليست هذه مفاضلة، وإنما إلماح بسيط إلى جمالية المشافهة.
في المشافهة لا نكون صارمين في المطالبة بمضون فكري عميق ولا بغزارة المعلومات؛ في المشافهة نطلب أن نسمع صوت الآخر، الذي قد يصارح وقد يمارس التمويه، لكننا نثق في قدرتنا على كشفه، كما نثق في قدرتنا على التمييز بين الجد والهزل (والتجربة هي التي تثبت قدرتنا المزعومة أو تنفيها).
التعبير الشفهي مَلَكَة مستقلة، تتغذى بالقراءة والكتابة، ولا تقترن بهما اقتران اشتراط، tقد يكون من لم يدخل المدرسة أبلغَ في الإفصاح ممن اجتاز كل مراحل التعليم النظامي.
التعبير الشفهي ملكة، كغيرها، تقوى وتزدهر بالمِران والدُّرْبة، وتضمر وتخفت بالإهمال. وللإمام الشافعي مقولة بديعة مفادها أن من عوّد لسانه الركض في ميدان الألفاظ لم يتلعثم إذا رمقته العيون.

للاستماع: هنـا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

Blockbuster Movies: Entertainment and Indoctrination