المشاركات

بين الثقافتين الشائعة والمهيمنة

كتب حسّ سليم : يوجد فرق شاسع بين الثقافة الشائعة والثقافة المهيمنة، الثقافة الشائعة تملك العدد وغالباً ما تكون في حالة دفاع عن النفس، أما الثقافة المهيمنة فهي من تملك القوة والسلطة والقدرة على التأثير والتغيير، وكذلك هناك فرق شاسع بين المتمرد على الثقافة الشائعة والمتمرد على الثقافة المهيمنة. إذن حتى لو وضعنا جانباً معيار الخطأ والصواب واعتبرنا التمرد من أجل التمرد في حد ذاته ذا قيمة كما يدعي هؤلاء التمردقراطيون rebellocrates كما سماهم فيليب موراي ساخراً، فإنهم آخر من يحق لهم الحديث عن التمرد. من يدعم أفكاره كل الإعلام والشركات في العالم وترعاها المنظات الدولية والنخبة الثقافية المهيمنة وتحت حماية القوى العظمى (في كثير من الأحيان تحميهم كأفراد) لا يحق له ادعاء التمرد. التمرد بتعريفه لا يكون خدمةً لسلطة أقوى، وفي ظل العولمة التي حذفت الحدود الثقافية والسياسية، فإن ثقافة هؤلاء هي المهيمنة والتي تتوسع يوماً بعد يوم عبر العالم. إذا شبهنا الأمر بالقطعان فإن ما يسعون له هو مجرد رغبة في الانضمام إلى القطيع الأقوى الذي تمثله السلطة، حالهم مثل روبن هود يسلب ويسرق بقال الحي ب

نظارات 👓 القراءة

صورة
لعبة تتريس الكلاسيكية  كتب أحمد الغريب : يعطيك الكتاب من العلم بحسب نظارتك التي تلبسها له. فإن لبست نظارة العقدي مثلًا فستظهر لك مسائل اعتقاد من كتب أبعد ما تكون عن هذا الفن، ولربما لو قرأتها بغير هذه النظارة ما خطرت على بالك ولا قدحت في ذهنك هذه الفوائد. وهكذا قد تستخرج مسائل الفقه من كتب الأدب، ومسائل في الجرح والتعديل من كتاب كالأغاني مثلًا، ومسائل في الأسماء والأحكام من كتب أمثال العرب... فتجهيز نوع النظارة البحثية مهم قبل الدخول في البحث، وقد يُقرأ الكتاب عدة مرات لعدة أغراض، وتستخرج منه في كل مرة ما لم تنتبه له في المرة التي قبلها بسبب تغيير نوع النظارة. [انتهى] ويلمح مارسيل بروست لنفس المعنى بقوله: " إن رحلة الاكتشاف الحقيقية لا تتمثل في البحث عن مناظر جديدة، ولكن في النظر بعيون جديدة." وأجد ذا صلة بالموضوع ما يسمى بمتلازمة تتريس، وتحدث -نقلا عن مقالة ويكيبيديا - " عندما يكرس الأشخاص الكثير من الوقت والاهتمام لنشاط ما بحيث يبدأ في تشكيل أفكارهم وصورهم العقلية وأحلامهم. يمكن للأشخاص الذين لعبوا لعبة Tetris لمدة طويلة أن يجدوا أنفسهم يفكرون

حرائق الغابات

صورة
اندلع أمس حريق في غابة شمال المغرب أتى على مئة هكتار. كما في هذا التقرير . لقد اعتدنا أن تصلنا أخبار حرائق بعيدة، في كاليفورنيا أو استراليا؛ لكن الإحساس يختلف عندما يتصاعد الدخان من مكان قريب. آثار حريق غابة الملاليين (المضيق) شمال المغرب عندما أعاين آثار حريق التهم جزءً من غابة، أشفق على الأشجار التي لم تحترق، لأن التي أكلها اللهب صارت رماداً، أما الباقية فقد شهدت هول الكارثة واستشعرت الخطر وخنقها الدخان، وشاب اخضرارُها. لقطة من مرئية اللغة السرية للأشجار ولا يُستكثر هذا الاستشعار المعنوي لدى النبات، فقد رُصد، وما سيُكشف لاحقا سيكون أدعى للتعجب. ولتوضيح شبكة التواصل بين الأشجار، يمكن إلقاء نظرة على هذه المرئية (مع تفعيل الترجمة العربية). لقطة من مرئية اللغة السرية للأشجار وبالنظر لحيوية الغابات، فإنها لا تحظى بالاهتمام الكافي عربيا. فمع التوسع الإسمنتي، والتواطؤ على البناء فوق الأراضي الفلاحية الغابوية، وتجاهل المستثمرين العقاريين لإنشاء مساحات خضراء أو إنشاء بقع هزيلة، وكذا ازدياد عدد المركبات في المدن والتصنيع... تتقلص رئة البلاد. ومقابل كل شجرة ت

مأوى

جلس في الحديقة الخالية، منهمكا في قراءة أوراق بين يديه على ضوء الشروق الوليد. الشعر واللحية الكثيفان والثياب الرثة لمن لا مأوى له. نهض وطوى الأوراق بعناية ودسها في جيب سرواله. رش ما بقي من الماء في الكأس على العشب، ثم خبأ الكوب بين أغصان نبتة بقامته. استدار وتسلق الشجرة؛ اهتزت قليلا ثم سكنت. انتظرتُه أن ينزل، فلم يظهر. ليست شجرة ذات ثمار ليجنيها، فلم ارتقاها؟ مرّ شخصان بمحاذاة الشجرة، ولم يبدُ عليهما أنهما رأياه.

كتب قصيرة مختارة للتحميل PDF (متجدد)

هنا أضع روابط تحميل مباشر لكتب قصيرة، يرجى الضغط على عنوان الكتاب: العدوان على العربية عدوان على الإسلام ، عبدالرحمن رأفت الباشا أيها الولد ، أبو حامد الغزالي موضوع مشابه: كتب صوتية مختارة  

ضعف الإيمان له أضرار اقتصادية أيضا

صورة
خروف شرد عن القطيع يعبر سكة القطار (المصدر: ويكيميديا) اشتكى عدد من الناس في العيد الكبير من أن لحم الأضحية مصاب وغير صالح للأكل. وتبين أن بعض الكسّابة عمدوا إلى حقن الخراف المسكينة بمواد لتسمينها بسرعة لرفع وزنها وثمنها . وقبل مدة سرق مندوب مبيعات شركة عشرة ملايين سنتيم قيمة السلعة التي باعها وهرب. فأصبحت الشركات تفرض على مندوبيها أن يتقاضَوا ثمن البضاعة نقدا في الحين لأنها لم تعد تأمنهم أن يحصلوا ديونها من عند محلات البيع بالتقسيط ويختفوا، مما ضيّق على أرباب البقالات الذين كانوا يستفيدون من تسهيلات الأداء إلى حين بيع السلعة، فلا يمكن أن يحصل على كل البضاعة إلا أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة، بينما يعاني التجار الصغار من نقص في التموين واضطرارهم لإمهال فئة من زبائنهم إلى نهاية الشهر للسداد . هذان مثالان فقط من النتائج المترتبة على مخالفة الاستقامة في التعاملات المالية، وأكبرها فقدان الثقة في المجتمع . ولا تنفع الرقابة ولا العقوبات وحدها، فإن البشر يجدون ألف حيلة للتملص منها. ومن لا يتقي اللهَ في الأمانة ويتحرى المكسب الحلال لن تردعه الدولة التي يتهمها بدوره بانعدام الشفافية في

السينما وعلمنة نهاية العالم

صورة
المشهد يذكّر بأجواء ما بعد الخراب كما تضورها الأفلام، لكنها ليست من فيلم، وإنما هي صورة حقيقية التقطت مؤخرا لعاصفة رملية هبّت في دبي. Post-apocalyptic صنف من الأفلام يتخيل حياةَ البشر الناجين في عالم مستقبلي بعد حرب مبيدة أو كارثة طبيعية/صناعية اجتاحت الأرض. شكلُ المجتمع الذي يَنتُج بَعدُ يحتمل سيناريوهات عديدة، كأن تُهجَر الأرض لأن انفجارا نوويا أفسدها، فاتخذت الزُّمْرةُ الناجية طريقَها لاستعمار كوكب آخر قابل للحياة (لاحظ الإحالة على قصة الناجين من الطوفان مع نبي الله نوح عليه السلام)؛ أو يبقى البشر على الأرض، لكن بتغيرات جينية أو بروز طبقة تستعبد المستضعفين؛ أو أن يشح الماء جدا ومن يحتكره يُذِلّ الرقاب؛ أو، على العكس، أن تغمر المياه الكوكب كله، ويستوطن البشر مراكب طافية. التنويعات على هذه الفكرة لا حصر لها، وآلة السينما لا تلبث تضخ مزيدا منها لرواجها. تعليقي ليس على الأفلام بحد ذاتها، وإنما على مفهوم أبوكالِبسيس، الذي يعني دمار العالم، ويستعمله الإنجيل بمعنى القيامة تحديداً. فما درجت صناعة الترفيه على ترسيخه هو علمنة مفهوم القيامة، أي جعلها حدثا دنيويا تستمر بعده الح